كتبت يوم أمس مقالًا للإجابة على السؤال: لماذا 20% فقط من الناس هم من يمتلكون دومًا 80% من الثروات؟ وشرحت ذلك في ثلاثة عوامل.
ومن الطبيعي أن تصل تساؤلات من القراء الأفاضل، وكان أحدهم: إذا كنت أشعر أنني من ضمن الـ 20% لكن في أدنى طبقاتها، فكيف أصبح في القمة؟ في حقيقة الأمر؛ أراه سؤالًا جيدًا.
هناك ثلاث خطوات أو عناصر رئيسية تؤهلك لتحقق ما تريد وأن تصبح أحد أعلى الأثرياء في الـ 20%. وحتى لا أطيل؛ دعونا نمرُّ ونحلل كل واحدة منها. وحبذا أن تقرؤوها أثناء احتساء مشروبكم المفضل.
تحسين حياتنا وجعلها أفضل من حق الجميع أن يتمنَّاه. فلا يوجد أحد يريد أن يظل فقيرًا، أو لا يحرز أي تقدُّمًا في حياته.
وحُسْن الظنّ والأمل في إعانة الله تعالى لك أمر يسرع تقدمك لاختراق أعلى طبقات الـ 20%. ثم يمكنك من هناك مشاركة نجاحك مع الآخرين وإعانتهم على ذلك.
العناصر الرئيسية الثلاثة المقبلة هي أحد أسباب حصولك على ثروة كبيرة تكتسبها في حياتك.
عناصر الثروة – رقم 1: الكفاءة المتميزة
مهما قال لك القائلون، يجب أن تمتلك الكفاءة والمهارات اللازمة للمجال الذي تريد تحقيق الدخل الكبير منه. وهي تأتي من خلال تطوير معارفك الحالية، مع التطبيق العملي الدؤوب؛ لتضمن استمرارية هذا النوع من التطوير الذاتي.
لماذا أطلب منك ذلك؟ لأن كفاءتك هي السبب الذي يحدد دائمًا مستوى دخلك. وضع 1000 خط تحت “دائمًا”.
أحد الأصدقاء سرد لي قصة شاب عمره 21 عامًا حقق صافي ربح بلغ حوالي 200 ألف ريال. كيف قام بذلك؟ لا يوجد شيء مفاجئ، إنه باختصار لديه مهارات عالية المستوى في جوانب التسويق على الإنترنت. علمًا بأنه لا يمتلك مهارات أخرى، وعلمًا أيضًا بأنه رفض الالتحاق بالكلية بعد انتهائه من المرحلة الثانوية؛ فهو لا يمتلك وقتًا لذلك!
هذه ليست دعوة إلى عدم الدراسة بالطبع، وإنما هو النظر إلى تقديرك للوقت، واستغلاله، ومقارنة الأمور بين ما هو نافع، وما هو أنفع. وربما أسرد لكم قصة هذا الشاب كاملة في موضعٍ آخر إن شاء الله تعالى.
قصة أخرى، صديقي الذي سرد لي تلك القصة هو في الأساس مدوّن مشهور في بلده. لماذا؟ لأن لديه مهارات قوية في فن الكتابة والتدوين.
القاعدة باختصار: لا مهارات متميزة وملحوظة = لا ثروة.
لذلك؛ فكِّر في مجالٍ ما ليصبح أحد مصادر التربّح وكسب المال. ثم ارسم وحدد ما المهارات الأساسية التي يمكن أن تجعلكَ ناجحًا في هذا المجال. يكفيك دخول دورتين أو ثلاثة حول المهارات الأساسية، أو دورة للحصول على مهارات عالية المستوى، وكذلك لا تنسَ تثقيف نفسك في مجالك من حينٍ لآخر. كل ذلك يعتبر مصيري لتحصل على الدخل الذي تتمنَّاه.
مَنْ يعرفُ أكثَر؛ يُتْقِنُ أكثَر، ويَربَحُ أكثَر، وأسْرَع.#ريادة#رياديون
— تامر عمران (@TamerImran) ٦ أبريل، ٢٠١٧
ولأنني أودّ أن تصلك المعلومة بشكلٍ كامل وواضح؛ دعني أضرب لك مِثالًا على ذلك.
مثلًا: لدي هدف الحصول على عشرات/مئات الآلاف من الريالات كل شهر من الأعمال التجارية على الإنترنت.
إذًا سأرسم لنفسي مخططًا لثلاث مهارات أساسية فقط أحتاج إلى إتقانها: 1) مهارات إنشاء المنتج، 2) مهارات التسويق الإلكتروني (خاصة عبر البريد الإلكتروني)، و3) مهارات التسويق على الشبكات الاجتماعية. أحتاج أن أدرس تلك المهارات الثلاث يوميًا، بشراسة وشراهة.
وأهم ما في الأمر هنا: لا تكتفِ فقط بمجرد النظر والمطالعة والقراءة حول تلك المهارات. ولكن ينبغي عليك الممارسة. تعلَّم مني تلك القاعدة، من دون الممارسة المستمرة؛ فإن ما تتعلمه مجرد “سراب فكري من المهارات الزائفة”.
مَارِس ما تقرأُه. وطبِّق ما تعلَّمته.
عناصر الثروة – رقم 2: المرونة والتأقلم
لكن في بعض الأحيان تكون المشكلة ليست في نقص المهارات، وإنما في الكسل الحاد. وذلك سيجعلك في نهاية المطاف تعاني من محنة الفقر المملوء بالاكتئاب.
أعرف أحدهم كان من الأذكياء ومن أصحاب الشهادات الجامعية العالية. عَمَل مدرِّبًا لحسابه الخاص. كانت لديه مهارات تدريب جيدة، لكنه لم يمتلك مهارات بيع جيدة.
نُصِحَ الأخ منذ أربع سنواتٍ مضت بأنه يحتاج إلى التدرّب على البيع والتسويق وممارسة ذلك. مرَّت السنوات الأربع، والحصيلة صفر؛ لأنه لم يفعل شيئًا مما نُصِحَ به. لست في حاجة إلى أن أسرد لكم كيف آلت به الأمور الآن من عدم إيجاد عمل، والاقتراض والاستدانة من هذا وذاك لأجل الزاد والطعام.
ربما رأيت أنت أيضًا العديد من البشر الذين لديهم قصص مُماثلة. تجده متعلِّمًا، ومعه بدلًا من الشهادة عشرة وربما 20، منها الماجستير وربما الدكتوراة، لكنه في غاية الكسل. هذا مصيره دومًا الركود والبقاء مكانه يُعاني من البطالة. هل اللوم على الحكومة؟ كلا، هل اللوم على عدم وجود مساواة اجتماعية، أو بسبب سياسات، أو الحالة الاقتصادية؟ كلا.
أو عندما تجده متقبِّلًا لحالة الركود التي هو فيها، أحيانًا تراه يجبر خاطره ذاتيًا بمِثْلِ قول “دع الحياة تمضي. بعض الأغنياء أيضًا ليسوا سعداء مثلي؛ فالحمد لله على ذلك”.
فرق كبير بين الرضا بقضاء الله وقدره الذي بعد سعيك ومثابرتك وجدته خلاف ما رغبت، هنا الرضا الحقيقي والصبر والطاعة، وبين من يقول ذلك حتى يقنع نفسه أنه ليس له دخل لما يحدث له من ضيق عيش، أو فقر، أو عدم وجود عمل، إلخ.
عند قبول حالة الفتور والتقصير؛ تجد تلك الفئة بحاجة إلى إلقاء اللوم على الطرف الآخر. أو يظهرون أنفسهم بمظهر الحكماء ويقولون عبارات الرضا الزائف السابقة. أنصح من كان من هذا الصنف أن ينظر إلى نفسه في المرآة ويُخبر من يظهر أمامه بما يلي: “يا أحمق!! إنك مجرد إنسان كسول. وكل مبرراتك لا تزيدك إلا سخفًا”.
ربما تعيش في بيئة جيدة نوعًا ما، لكنك فشلت في أن تصبح في قمة الـ 20% بسبب كسلك عن السعي بِجِدّ.
وكعادة الكثير من الناس. تجد مثابرة وعزيمة في البدايات، ولكن عندما يواجهون عقبات مباشرة أمامهم يتخلون عن هدفهم وإن وصولوا إلى منتصف الطريق. كم مرة قمت بذلك في حياتك؟ أظنك ربما لن تستطع إحصاء العدد.
معظم الناس يقومون بذلك. فمن السهل جدًا الوقوع في فخ الكسل. وأن يختفي ثباتك ومدى تحمّلك بسهولة. ربما هذا هو السبب في أن 80% من الناس لا يمكنهم أبدًا الوصول إلى أعلى درجات الـ 20% الأخرى.
هل تظن أنه ذلك ليس من العدل؟ نعم! ذلك ليس عدلًا في أذهان الكسالى فقط، الذين لا يواجهون المشاكل المستمرة، ولا يقوون على تحمل العقبات التي تظهر أمامهم من حينٍ لآخر.
عناصر الثروة – رقم 3: العقلية الإيجابية
العقلية الإيجابية لا أعني بها أن تشغل بالك بالأوهام وتتوقع أنك تتحكم في مصيرك بعقلك وتجذب الخير إليك وتلك التُّرَّهات. ولا أعني بها أن تفكر بعقلية الأثرياء أنت ما زلت أعجف المال. وإنما أعني بها العقلية المبنية على أساس التفاؤل، واليقين بأن الله تعالى سيجعل مستقبلك أفضل طالما أنك تسعى بكل الطرق للتقرب إليه والحوز على نيل رضاه واجتناب ما نهاك عنه قدر استطاعتك. انحيازك لهذا النحو الإيجابي من حياتك هو ما يجعلك تملك عقلية الثراء.
أما على النقيض ستجد العقلية السلبية، عقلية البؤس والفقر، التي تهتم بوضع حالة من التشاؤم من حولك، وتجعلك فضولي بكل ما هو حولك، ما عدا مستقبلك، فإنه لا يهم بسبب عدم عدم حُسن ظنك في الله، وثقتك المنخفضة أن حصولك على التغيير، وقلة صبرك. كل ذلك وأكثر يجعلك تطرق بابًا قاسيًا وراءه المزيد من البؤس والشقاء.
يمكنك تدريب عقليتك الإيجابية ورعايتها من خلال الاطلاع على مزيدٍ من المقالات المُلهِمَة بالتفاؤل بشأن ما هو آت. (كهذا المقال مثلًا، إن كنت تراه كذلك).
بالثقة والأمل في الله تعالى وإعانته لك؛ ستنمو وتشعر بالتقدم في حياتك. وعند حدوث ذلك؛ حدد أهدافًا صغيرة وانتصاراتًا سريعة تعلم أنك قادرًا على تحقيقها. وهذا سيجعلك تواصل المثابرة في السعي لتحقيق ما تريد، بكل حماس.
كانت هذه هي عناصر الثروة الثلاثة التي تجعلك تصل إلى أعلى طبقات الـ 20% المتميزين.
الملحوظة والنصيحة الأخيرة: يجب أن تمضي في طريقك مع الثلاثة عناصر بالتوازي، وفي وقتٍ واحد؛ وذلك من أجل المزيد من راحتك في المستقبل.
بيت القصيد، أن عناصر الثروة باختصار تتلخص فيما يلي: كُنْ متخصصًا. وكُنْ مرنًا. وكُنْ إيجابيًّا. وسأراك بعدها بإذن الله تعالى في أعلى 20%.